قد علمنا ما تنقص الأرض منهم
قدم
فيما يلي رؤية جديدة لمعنى قوله تعالى في سورة ق: (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ
الْأَرْضُ مِنْهُمْ) حيث ثبت أن القرآن يستخدم كلمات دقيقة جداً من الناحية
العلمية تؤكد إعجازه في هذا العصر.. دعونا نتأمل هذه الدراسة العلمية الحديثة
جداً....
|
كان
الاعتقاد السائد قديماً أن الأرض تأكل أجساد الموتى، حيث يتحول الميت إلى تراب
وبقايا عظام... هذا كل ما في الأمر. ولكن الأبحاث العلمية الحديثة وجدت أن العملية
أكثر تعقيداً مما نتصور، حيث تقوم التربة المحيطة بالميت بالتفاعل مع جثث الموتى،
وهناك بكتريا خاصة بأجساد الموتى وهناك بكتريا أخرى تعمل فقط عندما يموت الميت...
الجديد
الذي كشفه العلماء في جامعة كولورادو بتاريخ 10-12-2015 هو أن عدداً هائلاً من
البكتريا تنطلق من تراب الأرض وتبدأ بالتغذي على الجثة، كما أن الأرض تمتص المواد
الغنية بالنشادر المنطلقة من الجثة، وبالتالي يتغير تركيب التربة حول الجثة
وبالتالي يمكن للعلماء أن يكتشفوا مكان الجثث في الأرض بواسطة قياس نسبة النتروجين
والحموضة في التربة.
لقد
أظهرت الدراسة العلمية أن نوعية البكتريا تختلف من يوم لآخر خلال تعفن الجثث،
وكذلك يختلف تركيب التراب المحيط بالجثة. ولذلك فإن التربة المحيطة بالميت تقوم
بعمليات منظمة جداً تأخذ كل ثانية شيئاً من جسده بطريقة تدرجية بحيث تتناقص
العناصر الموجودة في الجثة باستمرار.. فالعملية ليست عملية أكل أو التهام بل عملية
منظمة، وهناك تفاعلات كيميائية دقيقة تتم كل لحظة ومن دون توقف.
وهنا
ندرك عظمة الكلمة القرآنية التي عبر بها القرآن عن طريقة فناء الجثث.. قال تعالى: (قَدْ
عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ) [ق:
4]. حيث إن الآية تستخدم تعبيراً دقيقاً من الناحية العلمية.
وتأملوا
معي كلمة (تَنْقُصُ) التي تعبر بدقة عن عملية تناقص جثث
الموتى مع الزمن، فالأرض (تربة الأرض) تتفاعل مع جثة الميت حيث إن مجتمعات من
البكتريا تتفاعل بعمليات محددة ودقيقة وتسلسلية. وتقول الباحثة Jessica Metcalf يمكننا اليوم معرفة الكثير عن تسلسل تناوب الجراثيم على
الجثث، كما يمكننا تحديد زمن وفاة الميت بدقة كبيرة اعتماداً على التحليل الجرثومي
وما تبقى من جراثيم.
كما أن جامعة كولرادو قامت بدراسة عام
2014 واكتشفا الباحثون وجود ما يشبه الساعة الجرثومية نستطيع من خلالها تحديد
تاريخ الوفاة، وذلك لأن عملية تحلل الجثة دقيقة جداً وتتغير نسبة ونوعية الجراثيم
بانتظام مع مرور الزمن. حتى إن العلماء اليوم يستطيعون معرفة نوع الغذاء الذي كان
يتغذى عليه الميت قبل موته!!
إن
التراب المحيط بجثة الميت يطلق مليارات البكتريا التي تبدأ بالقيام بعمليات منظمة
لاستهلاك هذه الجثة، كما أن نوع الجراثيم يتغير من يوم لآخر، وبالتالي يتغير تركيب
التربة المحيطة بالجثة، إذاً هناك نظام محكم لفناء الموتى، تقوم به الأرض.. وتبز
الأسئلة التالية: كيف تعلم الأرض أن عليها في هذا التوقيت بالذات أن تطلق نوعاً
محدداً من البكتريا لتتغذى على الميت؟ ومن الذي يخبر هذه البكتريا بضرورة أن تقوم
بعمل منظم وتدريجي وفق مراحل محددة لاستهلاك الجثة.. إنه الله تعالى الذي يعلم كل
شيء ويعلم ما تنقص الأرض من البشر.. سبحان الله!
تفسير الآية الكريمة
يقول
الإمام القرطبي في قوله تعالى: (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ
مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ) أي: ما تأكل من أجسادهم فلا يضلّ عنا شيء
حتى تتعذر علينا الإعادة. وفي تفسير الطبري عن الضحاك أنه قال، قال الله: (قَدْ
عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ) يقول:
ما أكلت الأرض منهم ونحن عالمون به، وهم عندي - مع علمي فيهم - في كتاب حفيظ. وفي تفسير ابن كثير عن ابن عباس في قوله: (قَدْ
عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) أي:
ما تأكل من لحومهم وأبشارهم، وعظامهم وأشعارهم. وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك،
وغيرهم.
وجه الإعجاز في الآية الكريمة
يدعي الملحدون أن محمداً صلى الله عليه
وسلم هو من ألّف القرآن! ولذلك نسألهم: ما هو هدف النبي الكريم من قول هذه الآية؟
لماذا يؤكد للناس أن الله يعلم ما تنقص الأرض من الناس؟ وما مصلحة إنسان يدعي أنه
نبي لقول ذلك؟ وماذا سيستفيد من خطابهم بهذه الآية؟
ونسأل
أيضاً: من أين جاء هذا النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة (تَنْقُصُ)
وهي كلمة تستخدم في القرآن في مجال الحساب!! قال تعالى: (وَلَا
تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ) [هود: 84]. ويقول أيضاً: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ
مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ) [فاطر: 11]. فكما نرى هذه الكلمة دقيقة
وحساسة وتستخدم في مجال حساب الوزن وحساب العمر..لأن عملية فناء الموتى تتم وفق
عمليات حسابية دقيقة جداً، ولولا ذلك لما علم العلماء تاريخ وفاة الميت بالأرقام،
وذلك من حساب كمية ونوع الجراثيم في الجثة..
ولو
كان النبي هو من ألف القرآن فلماذا لم يستخدم كلمة (تأكل) الشائعة عند العرب وفي
التفاسير أيضاً كما رأينا.. لماذا لم يقل (قد علمنا ما تأكل الأرض منهم).. لماذا
يستعمل كلمة تدل على الحساب والقياس؟ ليؤكد لنا الله تعالى أن عملية فناء الموتى
تتم بشكل منظم ومحسوب ووفق قوانين رياضية دقيقة تناسبها هذه الكلمة..
وأخيراً
ألستم معي أن هذه الآية هي شاهد على صدق كتاب الله تعالى، وأنه بالفعل يعجز بلغاء
العرب وفصحاءهم عن الإتيان بمثله؟ وأن البشر لو اجتمعوا فلن يتمكنوا من تأليف كتاب
بهذه الدقة العلمية؟ إن الذي يفقه هذا المعنى لابد أن يدرك على الفور بأن هذا
الكلام لا يمكن أن يصدر من بشر.. بل هو كلام خالق البشر سبحانه وتعالى..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق